بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا سؤال يتعامل معه كثير من الناس بطريقة خاطئة؛ فتجد بعضهم ينتهي بسبب هذا التفكير الخاطئ إلى الشك أو الإلحاد.
وهو:
لماذا توجد الشرور في العالم؟
إن الذي يستشكله المعترضون بهذا السؤال، هو: عدم قدرتهم على الجمع بين وجود الشر وبين كون الله تبارك وتعالى رحيماً، ولا يذكرون في هذا السياق من صفات الله إلا الرحمة، ويغيب عنهم من صفاته ـ سبحانه ـ الحكمة البالغة، والعزة والعظمة.
وهذا السؤال كثر فيه النقاش من الناحية الفلسفية والشرعية على حد سواء، وكثرت فيه البحوث، وسأذكر قواعد مختصرة يمكن أن يُفهَم موضوع الشر على ضوئها، وقبل ذلك لنتوجه بالسؤال للملحد، فنقول له:
حين كفرت بالله سبحانه هل انتهى الشر من العالم؟! هل توقفت المذابح؟ هل خملت الفياضانات وخَبَت البراكين وسكنت الزلازل؟
ثم، أخْبِرنا عن أولئك الطغاة المجرمين القتلة، الذين سفكوا دماء آلاف أو ملايين البشر، هل سيُعاقبون بعد موتهم؟ وهل ستؤخذ حقوق المظلومين منهم؟
إن المشكلة الحقيقية ـ في سؤال الشر ـ تواجه الملحد واللاديني اللّذين ينكران الدار الآخرة، لا المؤمن الذي يعتقد بالجزاء والعقاب والثواب.
فإن المؤمن ينطلق في رؤيته لموضوع الشر من قواعد متماسكة، ورؤية بنائية مُحكمة، وليس من مجرد العاطفة الخالية من الدليل، وتتمثل فيما يلي:
أولاً: جعل الله سبحانه وتعالى للإنسان إرادة حرة يختار فيها بين الخير والشر، وهذا مقتضى العدل؛ حتى يحاسَب الإنسان على هذه الإرادة، ثم حين يختار هو بالإرادة التي أعطيت له، أن يقتل ويسفك الدماء، فالشر إنما ينسب إلى هذا الـمُختار وليس إلى الله سبحانه وتعالى.
ثانياً: لا يمكن أن نفهم الحكمة من وجود الشر إلا إذا آمنا بأن هذه الدنيا دار نقص وابتلاء وليست دار جزاء، فالشر
الذي نراه فيها، من مصائب وأمراض وكوارث، داخلٌ في جملة هذا الوصف العام الذي أراد الله تكون الدنيا عليه، فالذي يبحث في هذه الدنيا عن الجزاء والثواب والعقاب، ثم يتهم الله سبحانه وتعالى إن لم يجد هذه الأشياء، نقول له: أنت لم تفهم مراد الله من هذه الدار.
ثالثاً: من السنن الثابتة التي جعلها الله سبحانه: سُنَّة الابتلاء، ولن تجد لسُنَّة الله تبديلاً، وهي متفقة مع معنى الحكمة في صفات الله؛ فهذه الابتلاءات هي التي يخرج منها المؤمن كالذهب الخالص بعد فتنته بالنار، وهي التي تُرجِع كثيراً من الناس إلى ربهم، وهي التي تنقيهم من الذنوب، وهي التي تكون سبباً لنجاة الكثير من النار.
رابعاً: هناك وجوه من الحكمة في ما نراه شرّاً قد لا تستبين لنا من النظرة الأولى.
مثال ذلك: عندما خرق الخَضِر السفينة لم يتبين لموسى عليه السلام الحكمة من ذلك، فقال مستنكراً {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا}؟ [الكهف: 71] ، ثم تبين له أن ذلك هو الخير حين علم السبب، وهو أنها كانت لمساكين يعملون في البحر، وأن الملك الظالم في ذلك الوقت كان يغتصب السفن الصالحة؛ فأراد الخَضِر أن يعيبها عيباً يسيراً وتبقى مع المساكين، بدلاً من أن تكون صالحة فتذهب للملك الظالم.
وهكذا في واقع حياتنا، تمرّ بنا أشياء كنا حريصين على حصولها؛ ظانّين أنها غاية السعادة والهناء، ثم لما وقعت، استبان لنا غير ذلك، وتمنينا أن لم تقع، فكم من إنسان كان يرجو الولد، فلما رُزِقه صار سبب تعبه ونصبه وشقائه في هذه الدنيا، حتى صار يتمنى أن لو كان عقيماً؛ فليست تقديراتنا الأولية للخير والشر تقديراتٍ حقيقية مُطلقة.
والله سبحانه وتعالى لا يخلق شرّاً محضاً، فما قد نراه شرّاً بادئ الرأي قد نلمح فيه الخير إن تلمسناه من كل جوانبه، ولكن ليس بالشرط أن يكون مشهوداً في هذه الحياة، فقد يكون مؤجلاً لما هو أعظم في الدار الآخرة.
منقووول للإفادة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا سؤال يتعامل معه كثير من الناس بطريقة خاطئة؛ فتجد بعضهم ينتهي بسبب هذا التفكير الخاطئ إلى الشك أو الإلحاد.
وهو:
لماذا توجد الشرور في العالم؟
إن الذي يستشكله المعترضون بهذا السؤال، هو: عدم قدرتهم على الجمع بين وجود الشر وبين كون الله تبارك وتعالى رحيماً، ولا يذكرون في هذا السياق من صفات الله إلا الرحمة، ويغيب عنهم من صفاته ـ سبحانه ـ الحكمة البالغة، والعزة والعظمة.
وهذا السؤال كثر فيه النقاش من الناحية الفلسفية والشرعية على حد سواء، وكثرت فيه البحوث، وسأذكر قواعد مختصرة يمكن أن يُفهَم موضوع الشر على ضوئها، وقبل ذلك لنتوجه بالسؤال للملحد، فنقول له:
حين كفرت بالله سبحانه هل انتهى الشر من العالم؟! هل توقفت المذابح؟ هل خملت الفياضانات وخَبَت البراكين وسكنت الزلازل؟
ثم، أخْبِرنا عن أولئك الطغاة المجرمين القتلة، الذين سفكوا دماء آلاف أو ملايين البشر، هل سيُعاقبون بعد موتهم؟ وهل ستؤخذ حقوق المظلومين منهم؟
إن المشكلة الحقيقية ـ في سؤال الشر ـ تواجه الملحد واللاديني اللّذين ينكران الدار الآخرة، لا المؤمن الذي يعتقد بالجزاء والعقاب والثواب.
فإن المؤمن ينطلق في رؤيته لموضوع الشر من قواعد متماسكة، ورؤية بنائية مُحكمة، وليس من مجرد العاطفة الخالية من الدليل، وتتمثل فيما يلي:
أولاً: جعل الله سبحانه وتعالى للإنسان إرادة حرة يختار فيها بين الخير والشر، وهذا مقتضى العدل؛ حتى يحاسَب الإنسان على هذه الإرادة، ثم حين يختار هو بالإرادة التي أعطيت له، أن يقتل ويسفك الدماء، فالشر إنما ينسب إلى هذا الـمُختار وليس إلى الله سبحانه وتعالى.
ثانياً: لا يمكن أن نفهم الحكمة من وجود الشر إلا إذا آمنا بأن هذه الدنيا دار نقص وابتلاء وليست دار جزاء، فالشر
الذي نراه فيها، من مصائب وأمراض وكوارث، داخلٌ في جملة هذا الوصف العام الذي أراد الله تكون الدنيا عليه، فالذي يبحث في هذه الدنيا عن الجزاء والثواب والعقاب، ثم يتهم الله سبحانه وتعالى إن لم يجد هذه الأشياء، نقول له: أنت لم تفهم مراد الله من هذه الدار.
ثالثاً: من السنن الثابتة التي جعلها الله سبحانه: سُنَّة الابتلاء، ولن تجد لسُنَّة الله تبديلاً، وهي متفقة مع معنى الحكمة في صفات الله؛ فهذه الابتلاءات هي التي يخرج منها المؤمن كالذهب الخالص بعد فتنته بالنار، وهي التي تُرجِع كثيراً من الناس إلى ربهم، وهي التي تنقيهم من الذنوب، وهي التي تكون سبباً لنجاة الكثير من النار.
رابعاً: هناك وجوه من الحكمة في ما نراه شرّاً قد لا تستبين لنا من النظرة الأولى.
مثال ذلك: عندما خرق الخَضِر السفينة لم يتبين لموسى عليه السلام الحكمة من ذلك، فقال مستنكراً {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا}؟ [الكهف: 71] ، ثم تبين له أن ذلك هو الخير حين علم السبب، وهو أنها كانت لمساكين يعملون في البحر، وأن الملك الظالم في ذلك الوقت كان يغتصب السفن الصالحة؛ فأراد الخَضِر أن يعيبها عيباً يسيراً وتبقى مع المساكين، بدلاً من أن تكون صالحة فتذهب للملك الظالم.
وهكذا في واقع حياتنا، تمرّ بنا أشياء كنا حريصين على حصولها؛ ظانّين أنها غاية السعادة والهناء، ثم لما وقعت، استبان لنا غير ذلك، وتمنينا أن لم تقع، فكم من إنسان كان يرجو الولد، فلما رُزِقه صار سبب تعبه ونصبه وشقائه في هذه الدنيا، حتى صار يتمنى أن لو كان عقيماً؛ فليست تقديراتنا الأولية للخير والشر تقديراتٍ حقيقية مُطلقة.
والله سبحانه وتعالى لا يخلق شرّاً محضاً، فما قد نراه شرّاً بادئ الرأي قد نلمح فيه الخير إن تلمسناه من كل جوانبه، ولكن ليس بالشرط أن يكون مشهوداً في هذه الحياة، فقد يكون مؤجلاً لما هو أعظم في الدار الآخرة.
منقووول للإفادة